كَم يليق بنا

خريفنا المتكرر

* حبيب السامر *

7.07.2009

في حوار مع الشاعر العراقي حبيب السامر: حاوره: ربيع عوده داورد

- نحن من يغزل حروف القصيدة لتبقى متوهجة

- أنا مدين للتنومة بكل شيء

- الشعر بخير لو تخلص من اشباه الشعراء

*متى حدثت عند السامر ولادة القصيدة؟

- الولادة .. تعني المخاض،وتحديداًالى لحظة الانبهار الأولي لعالم جديد، حروف وكلمات داخل اسارير الشاعر تخرج الى بياض الورق بعفوية لتصنع صعقة جديدة بين انسيابية القلم على مساحة الورق، لحظة صدق قصوى لا أحد يدركها إلا الشاعر نفسه،فيها تجلي وصوفية وانسلاخ تام لكينونات تنمو تدريجيا وتكبر حتى تكون بمفهوم الأدب قصيدة!

وإذا اردتني ان اعود للحظة كتابة القصيدة الأولي …. هذا يعني اني اقلب كل اللحظات بعفوية متناهية لأصل الى لحظة كسر الصمت ببوح القصيدة.. وادرك الآن انه في سبعينيات القرن الماضي وبالتحديد يوم كنت طالبا هادئا في ثانوية شط العرب، حيث الأجواء الناصعة بالطيبة والخضراء بالنخل وامتدادات الشجر (التنومة) مدينة العشق الأول للحرف يومها كان مدرس اللغة العربية يأخذ دفتر الأنشاء أو احياناً يستدعيني لقراءة ماكتبه في الأنشاء على طلاب المراحل المتقدمة على مرحلتي الدراسية وسط ذهول وحيرة الاصدقاء، وقتها لم ادرك ان ما أكتبه يثير دهشة المدرس والطلاب، لكنه كان حالة طبيعية لما قرأته من شعر وقصة قصيرة وكتب اللغة..كنت أحس ان مدرسي يحتفي بي كل يوم دون أن اعلم من خلال كلماته التي اتذكرها لحد الآن.

نعم ..وقتها كنت اكتب واخفي ما اكتب.. واحيانا أقرأ لأصدقائي ماأكتب .. من هنا جاءت اللحظة الاولى؟

*طقوسك مع القصيدة… ماأسرار مخاضاتها اليوم؟

- القصيدة تجيء دون استئذان..تحضر وقت تشاء وتغيب عنك وتخاصمك وقت تشاء ايضا …ثق يا صديقي لم اهيء نفسي في اي يوم من الايام واعد واحضر اوراقي واقول سأكتب قصيدة.. هذا اقحام للنص وتجده خال من الصدق والعفوية وتجد نفسك تكرر نفسك وتجتر مفرداتك دون وازع محبة بينك وبين النص . القصيدة عالم قدسي، حين تحضر القصيدة هو انك تكون لست انت لحظة التعامل معها.. مخلوق آخر يمسك بخيوط دخان يغزلها بحروف ضوئية لتكون القصيدة . وحين تفرغ شحنات النص تجد نفسك شكلا آخر يريد ان ينطلق في الهواء، يحلق ..يرسم عوالمه . واحيانا أخر تجد القصيدة وقد تلبستك تعكس جذوتها عليك دون ان تدري فتسبغ عليك طابع الحزن أو الألم أو …. ! عجيب أمر هذه المخلوقة ( القصيدة ) .

*حضرت متأخراً جداً .. ما أنت .. مابعد هذا الحضور..؟

- انا أثرت ان يكون عنوان مجموعتي الثانية (حضور متأخر جدا) لسببين مهمين هما السبب الزماني لأصدار المجموعة والمكاني لها .. وانت اعرف ياصديقي إني اكتب الشعر منذ اكثر من ثلاثين سنة ووقت صدور مجموعتي (زمن طويل جدا) لكني اردتها هكذا حيث سبق ان أصدرت مجموعتي الأولى (مرايا الحب …. مرايا النار) أما الثانية بحضورها المتأخر لكني كنت متواصلا مع مبدعي العاصمة وبحضور متميز رغم غيابي عن البصرة لأسباب العمل لكني كان حضوري مستمرا للبصرة (القلب) والتقي مع صديقي الشاعر الرائع (حيدر الكعبي) الذي كنت في السبعينات ومطلع الثمانينات نلتقي ويشكل دائم وكان مدار حديثنا هو الشعر.اما بعد الحضور فأنا الآن منغمر بالقراءة وبتجديد أدواتي الشعرية اصدرت مجموعتي الشعرية الثالثة (رماد الأسئلة) وحاليا اعكف على اصدار مجموعة شعرية تهتم بالنص المفتوح كبنية جديدة في البناء الشعري والمعرفي وأسعى دائما الى تطوير قابلياتي الأبداعية بعيدا عن اللغط والنميمة الأدبية وضياع الوقت .

*لو نعطي السامر ..أوراقاً، علبة سجائر، وبساطاً ونأخذه الى جيكور… ترى ماهي الطقوس ونوع الأحاسيس .. ومانوع القصيدة التي سيكتبها السامر ؟

- حتما ساكون وسط أجواء سيابية تماما ..اضع البساط قرب بويب على حافة النهر الناضب الآن، أتمنى لحظتها أوربما اتخيل السياب حاضراً، استأذنه..ليعيرني قلمه وورقة من اوراقه وأقول كم هي خجلة الكلمات ياسيد الشعر في حضرتك.. بويبك ناضب، جيكورك لم يعد كما ألفته ياكوكباً دار فيه الحرف وأرخ لقرية ستطالها عناكب النسيان.. استأذن السياب ليكتب كلمته الأخيرة وحين أفرغ من حلمي اجد قصيدتي الجديدة [احاسيس لم اعدها سابقا كلمات ممزوجة بالعراجين النافرة.. وبقصب (الصرائف) المتهدلة.. أجواء خصيبية خالصة .

*ماهي الطموحات؟

- انا متواضع بطموحاتي دائما .. واتحسس احلامي ايضا .. اضع نفسي في حيزها لا أريدني ان اكون اكثر ممايجب لذا انظر للناس ايضا بعيون الجمال.. بعيدا عن الحسد الثقافي، قريبا من الرؤية التي يجب على المثقف ان يتمتع بها .. الجمال، الجمال ياصديقي هو قلب المثقف وحين يكون العكس لا اعتقد انه يحسب على وسطنا الثقافي وعلينا ان نضعه في مداره الحقيقي ليس إلا !!

*لو أخذنا من روحك موهبة وحرقة الشعر كيف يكون رد فعلك المفاجيء؟

- هنا تسلبوني (حبيب) الذي رافقني كظلي وهو يعيش معي يتنفس برئتي ينظر بعيني يكتب لي قصائد عشق جميلة .. يترجم احاسيسي ببوح باهر لايملني حتى في اسوء حالاتي وما اكثرها يكتبني كلمات ويرسمني لوحة بحجم القصيدة .. هل لك ان تحيا بلارئة؟؟ هل لك ان تكتب دون قلب؟ هل لك ان تمضي دون وازع لرغبة تعتصرك حد النخاع؟ وكم هل سأقولها حين تأخذ مني المستحيل !! كم هو مضن ان تعيش دون حرقة وانت تتقصى شساعة الالم في بوحك الدائم؟! خذ انت كل شيء واترك لي حرقتي !!

*نادي الشعر ماسر اختفاءه؟

- لااكتمك سرا إذا قلت لك اني اندفعت حرصا على المشهد الثقافي البصري مع زملائي كثيرا. تعاملت بحسن نية خالصة للثقافة واستمر عملنا بشكل جميل،لكن بعد فترة انتبهت الى نفسي وجدتني في المواجهة رغم اني (نائب رئيس نادي الشعر في البصرة) فحرصت ان يأخذ كل مسمى مهني في النادي دوره الفاعل فأثرت التريث في اندفاعي الذي كلفني الكثير من العناء والمواجهة رغم اني اعتز بها لكونها تدخل في حيز خدمة المثقفين وانا على استعداد لتلبية اي عمل يناط بي . نادي الشعر لم يختف ..لكن غياب المكان المناسب لعقد الجلسات الشعرية والنقدية والمحاور النقاشية هو أحد الأسباب التي اعتقدها وهناك اسباب اخرى لامجال لذكرها.

*القصيدة اليوم ماهو خطها البياني في سلم الشعر؟

- القصيدة هي ذاتها في كل وقت لكن الحشر غير المبرر في جسد القصيدة من البعض يضعها في قفص الاتهام وهي تعلن براءتها من هؤلاء. التجريب والتجديد مطلوبان لكن شرط ان لاينخر هذا التجديد جسد القصيدة وان يلونها بألوان طائة..مثلما اخذت الرواية وعلى تعاقبها حيزا كبيرا في (نوبل) ينتظر الشعر ليعلن فوزه في جائزة (نوبل) للآداب . أما خطها البياني فهذا دليل على عافيتها حتى وإن اضطرب خطها البياني ستظل القصيدة الجميلة والمؤثرة والتي ثؤثث لمملكة الشعر هي عنوان الأصالة للأدب الناضج؟

ما قول السامر في:

*التنومة: عشقي الأول للطبيعة والحرف والجمال

*القلم: حبر البوح

*أحزان الشاعر: ثقب في باب القصيدة انظر من خلاله للعالم

*اللحن البصري: يستل روحي من مكانها

*القمر:صديق لا أمله ولايملني

*الأنترنيت: صلة مع العالم، يختصر لك المسافات

*السواقي: لحظة بكاء لشي لا يتكرر

*عادل عبدالوهاب: صديق حميم ووفي لا أفارقه

*لاجدوى من البكاء أبدا: نداء الشاعر جبار الوائلي لنا جميعا

*أحلام اليقظة للشاعر: ناقوس انذار لما لا يتوقع

*الداكير: منطقة اعشقها وقصيدة احبها لأنه فيها رائحة ابي (رحمه الله)

*لحظة السعادة الشعرية: حين تولد القصيدة على الورق واحس انها اضافت جديدا

*- ر.ع . د : عاشق جبران روحه ممزوجة مع الأصدقاء والفن والأدب

*ماذا تشعر وانت تقرأ قصيدتك على الحضور ؟

- اشعر اني اضع قلبي بين يدي الحضور فأحرص على ان أوصل ما أريد بعناية ودقة وصوت مؤثر لأن القصيدة أمانة ابداع في اعناقنا وعلينا ان نتقن هذه المهارة والامانة.

*كلمة أخيرة بينك وبين صديقك ر. ع .د؟

- نحن ليس بيننا كلمات بقدر مابيننا محبة متجذرة وهذا سر استمرار علاقة لاكثر من ثلاثين سنة اواصرها الصدق والمحبة ونكران الذات وحب الخير للآخر.. الشعر بخير لو تخلص من أشباه الشعراء في العالم، الشعر بخير طالما من يكتبه يشع بالجمال وروح الحب، البصرة دائما تتوهج ابداعا لذا تجد طعم الأدب البصري له نكهة خاصة وحضور خاص وفاعل . امنياتي لكل زملائي بالخير والابداع المتجدد

هناك تعليق واحد:

البرجوازي العراقي يقول...

اهلا وسهلا بكم في فهرس المدونات العراقية

http://iraqiblogindex.blogspot.com