كَم يليق بنا

خريفنا المتكرر

* حبيب السامر *

6.20.2008

حوار مع الشاعر العراقي .. حبيب السامر / حاوره: صابر الفيتوري

حاوره :صابر الفيتوري
الشعر يحتاج إلى فن تتسامى فيه المفردة في فضاءات الأحلام و الرؤى المتصارعة
الإبداع حالة متصلة و متناغمة مع الواقع
هو شاعر من مدينة البصرة ، صدر له مجموعتين شعريتين ،مرايا الحب مرايا النار عام 2001 ،حضور متأخر جداً عام 2005 ،وترجمت قصائده إلى الإنجليزية ،ترتكز تجربته في الكتابة على الغوص أكثر فأكثر الشعر فهو لايكتب غير الشعر تقريبا ولذا اشتغاله الشعري له تميز الشعر حياة وحلما له ديوان شعري تحت للطبع (رماد الأسئلة) من المنتظر ان يصدر قريبا ، ،محاولة أخرى)..
في مسيرة المبدع و ضمن تجربته في الكتابة لابد ان يتذكر أشياء هامة في مسيرته قد يرصد لنا من خلالها إلي أين وصل في تجربته ..
أعتقد أن تقييم المسيرة الإبداعية يُترك للنقاد والمتابعين و المختصين في الشأن الثقافي و الشعر بالتحديد .. ، أما إذا تُرك لي الأمر كمحايد فأعتبر ما من مسيرة انجازية في منحى أدبي صافية خالصة من عثرات زمانية و نكوص شعوري و رغم هذا فقد و لجت هذا العالم السحري بأناة وأنا أقرأ بتمعن للشاعر " بدر شاكر السياب" في مرحلة الدراسة المتوسطة و بهرت كثيراً بقصيدته الأسطورية " أنشودة المطر" على الرغم من أنني كنت أبحر في معلقات الشعر العربي و أدرس بترو قصائد العصور .. كانت " أنشودة المطر" مثل وهج عود ثقاب قدح في رأسي فكانت محطة انبهاري و دهشتي الأولى ..
نشرت أولى قصائدي في جريدة الراصد .. و بعدها في جريدة المرفأ البصرية.، إثناء تلك الفترة اشتركت في مهرجانين قطريين إذ كنت أمثل محافظة البصرة وقتها .. و توالت مشاركاتي .. و نشرت في مجلة الطليعة الأدبية و الأقلام و صحف و مجلات عربية..
استطعت من خلال قصائدي أن أجد خطي و جملتي الشعرية المتفردة بي .. كانت مسيرة حافلة بالمتاعب و المعاناة اليومية و الهموم ، انعكست تأثيراتها في مرآة شعري.
> حدثنا عن مدينتك ورفاق في الكلمة ؟
حقاً كانت مدينة التنومة التابعة لمحافظة البصرة في العراق الواقعة على الجانب الشرقي لشط العرب بكل ما في طبيعتها من جمال حاضنتي و فيها كان أصدقاء الإبداع باسم القطراني ، ربيع عودة ، د. صدام الأسدي ، ياسين السلمي ، قصي عبد الرؤوف .. نتواصل حتى اللحظة معهم جميعاً إلا قصي عبد الرؤوف، الشاعر المبدع الذي غرق في غروب المنافي ..
> ما هو الجديد ؟
أصدرت مجموعتين شعريتين
أ - مرايا الحب .. مرايا النار
ب - حضوراً متأخراً جداً
> هل يحتاج المبدع الى مناخ خاص ليقدم عظيم النصوص؟
يحتاج المبدع إلى مناخات كتابية قد توفرها ظروف الحياة و رعاية استثنائية إلا أنه لم يلقَ أية يد تمتد نحو إبداعه . و هنا أقصد المؤسسات الثقافية ، و التي هي في وادي و الإبداع في وادٍ آخر ..
> متي تشعر ان قدمت كل ما تحلم به ؟
حين تريد أن يتحقق حلم حروفك و تصبح نافذة يطل من خلالها العالم نحو القصيدة ..
> هل هناك عزوف عن القراءة كما يقول البعض؟
و ربما الآن نمر في مرحلة عزوف المتلقي عن قراءة ما نكتب حيث أصبحت كتاباتنا نخبوية ، ومع هذا فأننا ننشد أن نتوغل في مسامات الشارع الثقافي لكي يردد ما نكتب و نأمل أن تكون هناك قاعدة جماهيرية لهذا الشعر عندما يحس المتلقي أن هذا الشعر يمثل همومه و طموحاته.
> هل اخذت الرواية نصيب الشعر ومكانه ؟
لا أدري لماذا الرواية الآن ملاذ الأدب رغم أنها تفسر للقارئ ما في ذاته بسهولة بلغة سادرة صحفية أحياناً ، إذ أن الشعر يحتاج إلى فن تتسامى فيه المفردة في فضاءات الأحلام و الرؤى المتصارعة .. إذ نظل نسعى إلى إثبات منجزنا بترسيخ أكبر ..
> ماذا يحتاج النص ليكون منجزا مبهرا ؟
أنا مع النص الذي يكتب نفسه .. أقصد ليس بالضرورة أن أقحم نفسي في كتابة نص هذا شأنه شأن النجار و الحداد لكن الشاعر يحتاج إلى ومضة .. انبهار .. دهشة .. صدمة .. حب .. لوعة ..كل هذه تصب دورق الإبداع .. لتتصاعد أبخرة المنجز ..
> أين النقد ؟
كارثتنا يا صديقي أن النقد غائب تماماً عن الساحة .. و هناك -أقصد في المجتمع العربي- التمسك اللامعقول بأدوات النقد القديم .. أنظر أين وصل النقد !!
و نقادنا تراوحون في تفكيك لنص أو يكتبون بأتكاءات قديمة ، النقد لا يوازي أبداً ما هو سائد في الساحة الشعرية !!
> هل تري ان الشاعر اول أعدائه هو شاعر مثله؟
و هذه هي المشكلة الحقيقة في عالمنا العربي .. أنه ينأى بعيداً عن الولوج في المساحة الثقافية بحق . - و شر البلية ما يضحك- لماذا لا نحتفي ببعضنا ، نطلق فراشاتنا الملونة في سماء الإبداع ؟ .. لماذا ننتقص من الآخر؟ . لماذا و لماذا....
أنا أعتقد أنالنظرة القاصرة للشخص تعكس مراياها في داخله !
> القصيدة والكتابة هناك من ينظر دائما بضرورة تحديثها أو إصلاحها ؟
ليصلحوا أنفسهم أولاً .. لأن الإبداع حالة متصلة ، متناغمة مع الواقع و هذا الحرف الذي كتبه جلجامش في ملحمته الخالدة ، هو نفسه يرصد، يتسامى ، يحاكي القلوب و ينشد الحب ..
فنون الكتابة تنمو كالعشب على سواحل رطبة . فهي ليست بحاجة إلى إصلاحات كما يدعون !!
> ما هي أحلامك الصغيرة أو الكبيرة ؟
هنا يتجلى دور المبدع في رصد التوترات لتظهر في منجزه. الحروف و الكلمات التي تعبر عن ضمير الشعب الحي و أن يبتعد عن دور المجاملات التي نخرت عظام العرب ..
قل أحلامي الشخصية ، أن أجد حين أنجز مجموعة شعرية من يطبعها لي دون عناء ..
إن ننعم ببياض الفجر ، و عذوبة القمر ، أن نتنفس هواءً نقياً .. و أن نطلق كلماتنا مثل الفراشات السابحة دون قيود .
> هل المكان يحدد تميز الشاعر ؟
ثق يا صديقي و كما أسلفت أن الحروف الهجائية هي ذاتها موجود في كل مكان .. إذن الإبداع يتواجد مع وجود أداته أقصد المبدع .. وهناك ثوابت تتحرك حولها مجرات القلم ينسجها كل مبدع برؤاه يلتقي مع مبدع آخر في مكان آخر.
> هل ثمة فروق بين الشعراء بحيث يكون هذا هناك جيل متميز عن جيل اخر مثلا ؟
قل أن إعلامنا غائب .. و من نستدل بهم غابوا و من يستدلون بنا تاهوا في مدارات مغريات الحياة .. لا أحد أقل مقدرة من الآخر .. لكني تعقيدات الحياة ألقت بظلالها على ورق المبدع و أجيالنا لم تحضَ مثلما حضت الأجيال السابقة التي كانت تنعم بصفاء الحياة على العكس من زمننا المنقوع بالسرعة والموت و الحروب و تفتت ثوابت الحياة ..
إلا تجدنا نبحر في لجج أمواج عاتية و حين نصل إلى السواحل لا نجد من يأخذ بإبداعنا نحو الضوء ..
> هل الجوائز القليلة ولنقل المعدوم التي منحت للشعر العربي دليل على انخفاض مستواه اما القصة والرواية تحديدا؟
الجوائز موجودة و ضمن التخصص الأدبي لكن الرواية اقتفت أثرها نحو الجوائز، و لكن هذا لا يعني أن الجوائز لا تطرق باب الشعر و أن حصل فالشعر قادم ليحصد كل شيء ..
> كلمة أخيرة
دائماً تسبقنا أيها الصديق الرائع نحو مجرة الحرف .
بوركت مخلصاً ، وفياً ، نقياً ، للابداع.

ليست هناك تعليقات: